على شاطئ البحر وفي ليلة عصفاء هوجاء زمجرت الريح فيها بأعلى صوتها، التقيا، في ليلة ليست ككل الليالي...
انها ليلة ما قبل الاعصار....
على رمال الشاطئ الناعمة جلسا ينظران الى امواج البحر وهي تتلاطم وتتعانق...
وضع يده على يدها وضمها إليه، نظرت له وابتسمت بهدوء ابتسامة أسكنت قلبه وسط ذلك الجو العاصف...
عادت تنظر إلى البحر،
ناداها:
- "حبيبتي"
ومن دون أن تنظر إليه قالت: "ماذا"
قال: "هلا اقتربتي"
قالت ببرود: "انظر إلى البحر يا حبيبي، بل انظر إلى السماء الحمراء، انها ليلة الاعصار، يقول الناس أنه سيغرق القرية ويقولون أيضا ..."
قاطعها: "دعينا الآن من كلام الناس، فالحديث الآن هو حديث العشاق وكلامهم، لقد انتظرنا كثيرا لنلتقي مجددا، أصبحت أعين الناس كثيرة وموجودة في كل مكان واني لأتحين الفرصة فقط كي أراك من بعيد"
-"ولكنها ليلة الاعصار يا حبيبي، الاعصار الذي قد يغرقنا"
-"سوف نغرق في بحر العشق قبل أن يغرقنا، لماذا تقولين هذا يا حبيبتي، لماذا أراك اليوم اعرضتي عني، هل تحبينني؟ اقسم بالله اني سوف أتزوجك ولقد وعدني النجار أن يجد لي عملا عنده في الورشة وحينما اشتغل سوف آتي لأخطبك من والدك"
- "بالطبع أحبك، انظر إلى البحر هل تعتقد أنا سنظل أحياء بعد الاعصار، حبيبي ما هو الفرق بين العاصفة والاعصار، فالاذاعة يقولون انه اعصار وليست عاصفة"
-"دعينا منه الآن ، ماذا حل بك يبدو أنك تهتمين به أكثر من اهتمامك بحبيبك"
ضحكت بنغمة عالية وقالت: "أتغار؟!"
وقال هو: "ما أجمل ضحكتك!!! أغار نعم"
اقترب منها وقبل يدها، اقترب اكثر حتى لامس جسدها وطوقه بذراعه...
همس في أذنها: "اشتقت لك"
أزاحت خصلات شعرها المتناثر بيدها وأبعدته بحياء
قال لها: "أقسم لك اني أحبك" قبلها على شفتيها الورديتين الطريتين ابعدت وجهها وابتسمت باستحياء
قالت: " قد لا يبقي علينا الاعصار لكي نتزوج"
قال: "كفى حديثا عن الاعصار، فالحب يا حبيبتي أقوى من أي اعصار وقد جاء بنا إلى هنا في ليلة اعصارك هذا الذي تتحدثين عنه أليس هذا يدل على أن أقوى"
"لا تتحدث هكذا عنه قد يغضب"
نظر إليها مندهشا لا يصدق، أحس بالغيرة قليلا فاليوم حبيبته تبدو أنها مشتاقة للقاء الاعصار أكثر من لقائه...
"أردفت قائلة: "قد يغضب ويأخذ حبنا معه"
أمسكها بعنف وقبلها ولكن هذه المرة قبلته ومن ثم نظرت إليه وقالت:"قد تكون هذه آخر قبلة لنا فلنجعلها أجمل واحدة"
لم يأبه لكلماتها ولم يعر نظرات الحزن البادية على عينيها أي اهتمام، وذابا في عالمهما...
......
......
مر الاعصار على القرية وبعد يومين خرج الاهالي من بيوتهم ليبحثوا عن شابين في مقتبل العمر
عنها هي وعنه هو...
كانت امها تولول وكانت أمه تأمل أن يكون ابنها قد نجى...
الكل يبحث في الدمار وبعد فترة...
وجدوا جثتين لشخصين على شاطئ البحر وأيديهما متشابكة...
حاولوا الفصل بين أيديهما ولكن بدون جدوى....
فدفنا في قبر واحد...
وكتب على شاهد قبرهما...
"الحب الخالد، شهيدا الاعصار"